اشتهرت منطقة حموديا مباشرة بعد تفجير اليربوع الأزرق في 13 فيفري 1960 بعدما كان المكان بئر في صحراء الجزائر تقصده القوافل التجارية من منطقة توات نحو موريتانيا, فقد دخل اسم حافر البئر المدعو حموديا في التاريخ المعاصر و أصبح اسم حموديا نشيد كتيبة الفيلق الـ 11 للهندسة الصحراوية الفرنسي . يقول النشيد في مقطعه الأخير تمجيدا لأعمال فرنسا النووية: هاهي البقعة السوداء حيث ولدت فرنسا النووية، هنا حيث التاريخ كتب لكبارنا، يقال أن كل شيء يمر و يذهب في الحضيض، و لكن بالنسبة لجنسنا، دائما حموديا ..تحيا
أما الآن ،فقد أصبحت المنطقة محرمة وممنوعة على أي شخص مهما كانت صفته، حيث أضحى الأمر يتعلق بصحة الزائر لمنطقة حموديا و خطر الإشعاع النووي بها. فقد تبين مؤخرا أن نسبة الإشعاع لا تزال مرتفعة وبشكل كبير بالمكان المذكور.
"يومية الشروق"، وفي محاولة منها لرصد هذه المخاطر، خاطرت بهذه المغامرة!: مصاعب كبيرة، واجهتنا من أجل الوصول إلى حموديا، قصد التقاط بعض الصور. فقد باءت كل محاولاتنا مع الهيئات الرسمية المحلية من أجل تقديم يد المساعدة للوصول إلى مكان التفجير..باءت كلها بالفشل! فما كان علينا سوى الاعتماد على معارفنا الشخصية بالمنطقة الذين وجهونا نحو "طوارق النجاة" برقان الذين يعرفون الصحاري وكل طرق التهريب، لكننا عدنا بخفي حنين، بعد الثمن الخيالي الذي طلبه الطوارق من أجل إيصالنا إلى حموديا والذي أجمع عليه كل أصحاب سيارات الستايشن، والذي يبلغ 15 ألف دينار.. بحكم أن الطريق المعبد نحوا المكان يتوقف عند 10 كلم فقط، وما تبقي، هو صحراء خالية محفوفة بالمخاطر. فقد أكد لنا أحد رجال الطوارق أنه يجب أن نستعين بمرشد يعرف طرق الصحراء ونحمل معنا الماء وزاد السفر، فمن الممكن جدا أن نتوه في الصحراء أو نتعرض لاختطاف من طرف المهربين الذين ينشطون بالمكان ويختصون في تهريب كل الممنوعات، أخطرها السلاح، ناهيك عن خطر الإشعاع النووي.
ورغم ذلك، قررنا في اليوم الموالي الذهاب بالثمن المذكور، مجازفين بكل شيء، حتى الصحة! إلا أن الطوارق استغلوا إصرارنا فامتنعوا، قصد رفع الثمن أكثر! إلا أن نخوة أحد أبناء رقان الذين رفضوا استغلال "يومية الشروق" التي يحبونها، بهده الطريقة، فوفر لنا في اليوم الثالث السيارة، وبدون ثمن، بل وأنه أشرف هو بنفسه على الرحلة نحو كل نقاط التواجد الاستعماري، تحت شرط واحد: عدم الكشف عن هويته !
في طريقنا نحو حموديا، توقفنا على بعد 40 كلم من ذلك المكان المخيف، حيث امتنع السائق عن التقدم أكثر باتجاه حموديا، خوفا على صحته من الإشعاع، واكتفينا بالتصوير عند ذلك الحد، لنعود(فيما نعتقد!) "سالمين"، "غانمين" لصور حية التقطتها عدستنا لهذا المنطقة الموبوءة!
عدنا بعدها إلى رقان المدينة لنتفرغ في الأيام المتبقية بها من أجل الاتصال بالأهالي و إجراء الاستجوابات مع شهود العيان الذين استدعاهم رئيس بلدية رقان، مشكورا، لتسهيل عملنا ، فيما يتعلق بحديث سكان المنطقة عن إجراء مديرية البيئة الأخير لتسييج منطقة التفجير حموديا على مستوى مساحة قطرها 20 كلم .
لية الرعب الأزرق
استيقظ سكان منطقة رقان صباح يوم 13 فيفري 1960 على الساعة السابعة وأربع دقائق على و قع انفجار ضخم و مريع كسر الصورة البريئة التي كان يختفي وراءها وجه الاستعمار ، ليكشف للعالم أجمع مدى فظاعة جرائم فرنسا وشناعتها، ولتؤكد للفرنسيين أنفسهم، أن حكومتهم التي تدعي الأخوة – المساواة – الحرية، لا تتأخر لحظة في جعل من سكان الجزائر حقلا للتجارب النووية و تحويل حوالي 42 الف مواطن من منطقة رقان ومجاهدين، حكم عليهم بالإعدام، إلى فئران تجارب للخبراء الإسرائيليين و جنرالات فرنسا على رأسها الجنرال ديغول. فهذا الجنرال لافو ، يصرح أن اختيار منطقة رقان لإجراء تجربة القنبلة الذرية، وقع في جوان 1957 حيث بدأت الأشغال بها سنة 1958 و في أقل من ثلاث سنوات وجدت مدينة حقيقية برقان يقطنها 6500 فرنسي و 3500 صحراوي كلهم كانوا يشتغلون ليل نهار لإنجاح إجراء التجربة النووية في الآجال المحددة لها!! ليضيف:... و قد بلغت تكاليف أول قنبلة ذرية فرنسية مليار و 260 مليون فرنك فرنسي، تحصلت عليها فرنسا من الأموال الإسرائيلية بعد الاتفاقية المبرمة بين فرنسا و إسرائيل في المجال النووي.
ففي صبيحة هذا اليوم المشهود، تمت عملية التفجير تحت اسم "اليربوع الأزرق"، تيمنا بلون الكيان الصهيوني و أول لون من العلم الفرنسي، هذا التفجير الذي سجل بالصوت و الصورة بعد الكلمة التي ألقاها ديغول في نقطة التفجير بحموديا( 65 كلم عن رقان المدينة)، قبل التفجير بساعة واحدة فقط، و تم نقل الشريط مباشرة من رقان إلى باريس ليعرض في النشرة الإخبارية المتلفزة على الساعة الثامنة من نفس اليوم بعد عرضه على الرقابة .
نجحت فرنسا و إسرائيل في تجاربهما النووية المشتركة و هما تدركان حق الإدراك أن سكان هذه المنطقة سيعانون لفترة تزيد عن 4500 سنة من وقع إشعاعات نووية لا تبقي ولا تذر و لا تفرق بين نبات وحيوان و إنسان أوحجر!! ارتكبت فرنسا جريمتها الشنعاء مع سبق الإصرار، ذلك أنها كانت تسعي للالتحاق بالنادي النووي آنذاك بغية إظهار عظمتها للعالم مع مد الكيان الصهيوني بالتسلح النووي سرا بأي ثمن. كانت أول قنبلة نووية سطحية بقوة ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان عام 1945 . تلتها قنبلة "اليربوع الأبيض"، ثم "اليربوع الأحمر" حسب ترتيب الألوان الثلاثة للعلم الفرنسي لتختتم التجارب الاستعمارية النووية بمنطقة حموديا رقان بالقبنلة الرابعة و الأخيرة التي سميت "باليربوع الأخضر"، وهذا في 25 ابريل 1961، لتنفتح شهية النظام الديغولي من أجل التنويع في التجارب النووية في العديد من مناطق الصحراء الجزائرية لتصل قوة تفجيراتها إلى 127 كيلو طن من خلال التجربة الباطنية التي أطلق عليها اسم "مونيك" بمنطقة "إينكر" بالهقار!
اليوم ، سكان رقان، لا يملكون أي أرشيف عن تفاصيل التفجير، سوي شهود عيان يحكون الفاجعة و الأمراض الفتاكة التي نخرت أجساد السكان بسبب الإشعاع !
برنامج إسرائيلي بغطاء فرنسي
تعتبر تجارب رقان النووية أهم الاتفاقيات التاريخية ببن فرنسا و إسرائيل من خلال الاتفاق السري الذي وقعه الطرفان مع بعضيهما عام 1953، حيث كانت إسرائيل تبحث عن الأرض لإجراء مثل هذه التجارب رغم امتلاكها لحوالي 11 بروفيسور في الذرة شاركوا في تجارب أوكلاهوما الأمريكية و 6 دكاترة و 400 إطار في نفس الاختصاص. في الوقت ذاته، كانت فرنسا تبحث عن الحلقة المفقودة في امتلاك القنبلة النووية بعد أن تخلى عنها حلفاؤها القدماء: أمريكا و بريطانيا، و امتنعتا عن تزويدها بالطرق و المراحل التجريبية الميدانية للتفجير النووي. كما استفادت فرنسا بشكل كبير من رؤوس أموال أغنياء اليهود لضمان القوة النووية للكيان الصهيوني بغية تأمين بقائهم في منطقة الشرق الأوسط. هكذا ستشهد سنوات الخمسينيات أول مراحل التعاون في التراب الجزائر بعد الصواريخ المتوسطة المدى التي طورتها فرنسا لإسرائيل وجربتها في منطقة بشار على مجاهدي الثورة الجزائرية، والذي أطلق عليه اسم ياريحو بالعبرية، ما يعني بلدة اريحا الفلسطينية باللغة العربية. فقد تم انجاز هذا المشروع عام 1957 بسرية و تكتم تامين. وفي عام 1960 ، سوف يشارك في أول تجربة نووية عدد جد معتبر من الخبراء الإسرائيليين كي يتم نقل الخبرة إلى معهد وايزمان للعلوم الفيزيائية في بلدة رحفوت الإسرائيلية.
و بشهادة سكان المنطقة من عايشوا المرحلة، فإنهم كانوا يصادفون مدنيين أجانب يتحدثون بلغة غير التي كان يستعملها العسكريون الفرنسيون، و لم يتردد خبراء فرنسا و إسرائيل في استعمال سكان المنطقة بأكملهم فئران تجارب. أما المجاهدون، فيؤكد لنا شاهد عيان أنهم تركوا مكبلين على بعد بـ 200متر من نقطة الصفر.!!وسجلت هذه التجارب تحت عنوان "التجارب النووية الفرنسية شهدتها الصحراء الجزائرية خلال و بعد سنوات الثورة التحريرية"، و ما كتب عنها، استبعد من خلال الوثائق التي محت دور إسرائيل من سجل الجريمة رغم مشاركتها الفعلية في التخطيط والتنفيذ.
آخر الشهود"عب اللة عبد الله" يصرح للشروق : فرنسا فجرت القنبلة على المجاهدين وهم مكبلين في شاحنة على بعد 200 متر من مركز الانفجار.
آخر شهود العيان من الذين تواجدوا قرب القنبلة النووية الأولى على بعد أمتار قبل التفجير "عبد اللة عبد الله "، من مواليد 1938، الذي يروي الفاجعة، متحسرا على أرواح أولائك الذين أعدمتهم فرنسا بأبشع الطرق الإجرامية. يقول أنه لم يكن يعرفهم، لكنهم كانوا جزائريين مثله، ويتساءل اليوم : بأي ذنب فعل بهم المستعمر هذا الفعل؟؟!!.. يومها، كان "عبد اللة"، يعمل في شركة تختص بأمور التبريد و التهوية في موقع التفجير. فكتب لهذا الشاهد، أن يكون شاهدا على جريمة حية من جرائم فرنسا! يضيف الشاهد المحظوظ قائلا أن المستعمر أحضر شاحنة عسكرية كان يصطف على متنها عدد كبير من الجزائريين، فهم الرجل ساعتها، أنهم مجاهدون ممن حكم عليهم بالإعدام!! ليضيف مؤكدا أنهم ليسوا من المنطقة بل من الشمال الجزائري! فقد منعوا أي أحد من التحدث معهم!!.. كانوا واقفين... مكبلي الأرجل و الأيادي، لا يمكنهم الحراك !!.. حتى رؤوسهم كانت مثبتة بواسطة قضبان حديدية تمنعهم من الالتفات إلى اليمين أو إلى اليسار، لكن عيونهم كانت تنوب عنهم في الكلام... يقول "عبد اللة" ... كما كانت هنالك خيام منصوبة في نقاط متباعدة عن نقطة التفجير، ترك فيها مجاهدون ومدنيون بالقوة، بعد أن طلب منهم الانبطاح على وجوههم عند سماع صوت الطائرة، فيما غادروا هم المكان باتجاه رقان المدينة ، أي على بعد نحو 65 كلم عن منطقة التفجير بحموديا. و بعد عودتنا في اليوم الموالي من التفجير بملابس خاصة، يقول محدثنا.. الشاهد الذي "شاف كل حاجة" ..،لم نجد أي أثر لجثث بشرية، و لم نستطع التعرف على الشاحنة التي تحولت إلى كتلة من حديد!! أما الخيام ومن كانوا فيها، فلم نجد لهم أثرا يذكر!! لقد نجم عن التفجير جبل أسود لم يكن هناك قبل الأمس!!
عبد الله، يطالب اليوم فرنسا بأن تعترف رغما عنها بالجرائم التي تتكتم عنها في حق الشعب الجزائرى!!هذه الجريمة التي أتت على الأخضر و اليابس وعلى كل مظاهر الحياة بالمنطقة..إذ لا يزال سكان المنطقة يعانون من أثار التجارب بظهور غرائب الأمراض التي لم يسمع عنها الأهالي قبل قدوم فرنسا .
نتائج مريعة على الصحة والطبيعة:
النتائج الأولية لهذه التجارب، كانت مفزعة : 35 حامل أجهضن !!..عدد كبير من سكان القصور فقدوا البصر!!.. أصحاء أصيبوا بأمراض عقلية!!.. نقل الكثير من الأهالي إلى المستشفى العسكري الفرنسي بالقاعدة لمعاينتهم.. وفقط... دون إعطاء علاج!!! هي ذي الأحداث التي عرفتها مدينة رقان يوم 13 فبراير 1960... ساعات بعد تفجير"اليربوع الأزرق" حسب رواية "رقاني محمد بن هاشم"، من مواليد 1937، كان وقتها يشتغل ممرضا بالقطاع الصحي الفرنسي رفقة الطبيب " بيشو دوغي"! كان أنداك , "الرقاني" الجزائري الوحيد الذي كان ضمن القطاع الصحي الفرنسي بالمنطقة، والذي يؤكد اليوم "أن فرنسا تعمدت استعمال سكان القصور كفئران تجارب خصوصا بعد إحصاء السكان لمدة 4 أشهر قبل التفجير دون استثناء أحد، قبل أن تخرجهم للعراء، غطاؤهم يوم التفجير كان السماء !! تاركين بيوتهم خالية مفتوحة النوافذ و الأبواب وهم وسط الصحراء !! , يقول "الرقاني محمد"، أن فرنسا كلفتهم بإخبار أهالي القصور عن التدابير التي يجب أن يتخذوها، بإغماض أعينهم و الانبطاح فوق الأرض على وجوههم قبل الانفجار إثر رؤيتهم للطائرة التي ستحلق فوقهم. كم تم تسليم كل فرد صحراوي قلادة كشف الإشعاع تحمل رقما تسلسليا مع تهديد كل من يضيعها، بالسجن!!.. ويضيف محدثنا ..أنه، يومها ارتفعت غمامة الفطر النووي في السماء، لكنها سرعان ما جلبتها الرياح نحو المناطق الآهلة بالسكان!! فقد تم نقل عائلات الضباط الفرنسيين إلى مدينة رقان علي جناح السرعة لتجنيبهم أي خطر!! كما لحقهم بعد ذلك كل القادة العسكريين، خوفا علي أرواحهم، فيما ترك الناس وسط غيمة
أما الآن ،فقد أصبحت المنطقة محرمة وممنوعة على أي شخص مهما كانت صفته، حيث أضحى الأمر يتعلق بصحة الزائر لمنطقة حموديا و خطر الإشعاع النووي بها. فقد تبين مؤخرا أن نسبة الإشعاع لا تزال مرتفعة وبشكل كبير بالمكان المذكور.
"يومية الشروق"، وفي محاولة منها لرصد هذه المخاطر، خاطرت بهذه المغامرة!: مصاعب كبيرة، واجهتنا من أجل الوصول إلى حموديا، قصد التقاط بعض الصور. فقد باءت كل محاولاتنا مع الهيئات الرسمية المحلية من أجل تقديم يد المساعدة للوصول إلى مكان التفجير..باءت كلها بالفشل! فما كان علينا سوى الاعتماد على معارفنا الشخصية بالمنطقة الذين وجهونا نحو "طوارق النجاة" برقان الذين يعرفون الصحاري وكل طرق التهريب، لكننا عدنا بخفي حنين، بعد الثمن الخيالي الذي طلبه الطوارق من أجل إيصالنا إلى حموديا والذي أجمع عليه كل أصحاب سيارات الستايشن، والذي يبلغ 15 ألف دينار.. بحكم أن الطريق المعبد نحوا المكان يتوقف عند 10 كلم فقط، وما تبقي، هو صحراء خالية محفوفة بالمخاطر. فقد أكد لنا أحد رجال الطوارق أنه يجب أن نستعين بمرشد يعرف طرق الصحراء ونحمل معنا الماء وزاد السفر، فمن الممكن جدا أن نتوه في الصحراء أو نتعرض لاختطاف من طرف المهربين الذين ينشطون بالمكان ويختصون في تهريب كل الممنوعات، أخطرها السلاح، ناهيك عن خطر الإشعاع النووي.
ورغم ذلك، قررنا في اليوم الموالي الذهاب بالثمن المذكور، مجازفين بكل شيء، حتى الصحة! إلا أن الطوارق استغلوا إصرارنا فامتنعوا، قصد رفع الثمن أكثر! إلا أن نخوة أحد أبناء رقان الذين رفضوا استغلال "يومية الشروق" التي يحبونها، بهده الطريقة، فوفر لنا في اليوم الثالث السيارة، وبدون ثمن، بل وأنه أشرف هو بنفسه على الرحلة نحو كل نقاط التواجد الاستعماري، تحت شرط واحد: عدم الكشف عن هويته !
في طريقنا نحو حموديا، توقفنا على بعد 40 كلم من ذلك المكان المخيف، حيث امتنع السائق عن التقدم أكثر باتجاه حموديا، خوفا على صحته من الإشعاع، واكتفينا بالتصوير عند ذلك الحد، لنعود(فيما نعتقد!) "سالمين"، "غانمين" لصور حية التقطتها عدستنا لهذا المنطقة الموبوءة!
عدنا بعدها إلى رقان المدينة لنتفرغ في الأيام المتبقية بها من أجل الاتصال بالأهالي و إجراء الاستجوابات مع شهود العيان الذين استدعاهم رئيس بلدية رقان، مشكورا، لتسهيل عملنا ، فيما يتعلق بحديث سكان المنطقة عن إجراء مديرية البيئة الأخير لتسييج منطقة التفجير حموديا على مستوى مساحة قطرها 20 كلم .
لية الرعب الأزرق
استيقظ سكان منطقة رقان صباح يوم 13 فيفري 1960 على الساعة السابعة وأربع دقائق على و قع انفجار ضخم و مريع كسر الصورة البريئة التي كان يختفي وراءها وجه الاستعمار ، ليكشف للعالم أجمع مدى فظاعة جرائم فرنسا وشناعتها، ولتؤكد للفرنسيين أنفسهم، أن حكومتهم التي تدعي الأخوة – المساواة – الحرية، لا تتأخر لحظة في جعل من سكان الجزائر حقلا للتجارب النووية و تحويل حوالي 42 الف مواطن من منطقة رقان ومجاهدين، حكم عليهم بالإعدام، إلى فئران تجارب للخبراء الإسرائيليين و جنرالات فرنسا على رأسها الجنرال ديغول. فهذا الجنرال لافو ، يصرح أن اختيار منطقة رقان لإجراء تجربة القنبلة الذرية، وقع في جوان 1957 حيث بدأت الأشغال بها سنة 1958 و في أقل من ثلاث سنوات وجدت مدينة حقيقية برقان يقطنها 6500 فرنسي و 3500 صحراوي كلهم كانوا يشتغلون ليل نهار لإنجاح إجراء التجربة النووية في الآجال المحددة لها!! ليضيف:... و قد بلغت تكاليف أول قنبلة ذرية فرنسية مليار و 260 مليون فرنك فرنسي، تحصلت عليها فرنسا من الأموال الإسرائيلية بعد الاتفاقية المبرمة بين فرنسا و إسرائيل في المجال النووي.
ففي صبيحة هذا اليوم المشهود، تمت عملية التفجير تحت اسم "اليربوع الأزرق"، تيمنا بلون الكيان الصهيوني و أول لون من العلم الفرنسي، هذا التفجير الذي سجل بالصوت و الصورة بعد الكلمة التي ألقاها ديغول في نقطة التفجير بحموديا( 65 كلم عن رقان المدينة)، قبل التفجير بساعة واحدة فقط، و تم نقل الشريط مباشرة من رقان إلى باريس ليعرض في النشرة الإخبارية المتلفزة على الساعة الثامنة من نفس اليوم بعد عرضه على الرقابة .
نجحت فرنسا و إسرائيل في تجاربهما النووية المشتركة و هما تدركان حق الإدراك أن سكان هذه المنطقة سيعانون لفترة تزيد عن 4500 سنة من وقع إشعاعات نووية لا تبقي ولا تذر و لا تفرق بين نبات وحيوان و إنسان أوحجر!! ارتكبت فرنسا جريمتها الشنعاء مع سبق الإصرار، ذلك أنها كانت تسعي للالتحاق بالنادي النووي آنذاك بغية إظهار عظمتها للعالم مع مد الكيان الصهيوني بالتسلح النووي سرا بأي ثمن. كانت أول قنبلة نووية سطحية بقوة ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان عام 1945 . تلتها قنبلة "اليربوع الأبيض"، ثم "اليربوع الأحمر" حسب ترتيب الألوان الثلاثة للعلم الفرنسي لتختتم التجارب الاستعمارية النووية بمنطقة حموديا رقان بالقبنلة الرابعة و الأخيرة التي سميت "باليربوع الأخضر"، وهذا في 25 ابريل 1961، لتنفتح شهية النظام الديغولي من أجل التنويع في التجارب النووية في العديد من مناطق الصحراء الجزائرية لتصل قوة تفجيراتها إلى 127 كيلو طن من خلال التجربة الباطنية التي أطلق عليها اسم "مونيك" بمنطقة "إينكر" بالهقار!
اليوم ، سكان رقان، لا يملكون أي أرشيف عن تفاصيل التفجير، سوي شهود عيان يحكون الفاجعة و الأمراض الفتاكة التي نخرت أجساد السكان بسبب الإشعاع !
برنامج إسرائيلي بغطاء فرنسي
تعتبر تجارب رقان النووية أهم الاتفاقيات التاريخية ببن فرنسا و إسرائيل من خلال الاتفاق السري الذي وقعه الطرفان مع بعضيهما عام 1953، حيث كانت إسرائيل تبحث عن الأرض لإجراء مثل هذه التجارب رغم امتلاكها لحوالي 11 بروفيسور في الذرة شاركوا في تجارب أوكلاهوما الأمريكية و 6 دكاترة و 400 إطار في نفس الاختصاص. في الوقت ذاته، كانت فرنسا تبحث عن الحلقة المفقودة في امتلاك القنبلة النووية بعد أن تخلى عنها حلفاؤها القدماء: أمريكا و بريطانيا، و امتنعتا عن تزويدها بالطرق و المراحل التجريبية الميدانية للتفجير النووي. كما استفادت فرنسا بشكل كبير من رؤوس أموال أغنياء اليهود لضمان القوة النووية للكيان الصهيوني بغية تأمين بقائهم في منطقة الشرق الأوسط. هكذا ستشهد سنوات الخمسينيات أول مراحل التعاون في التراب الجزائر بعد الصواريخ المتوسطة المدى التي طورتها فرنسا لإسرائيل وجربتها في منطقة بشار على مجاهدي الثورة الجزائرية، والذي أطلق عليه اسم ياريحو بالعبرية، ما يعني بلدة اريحا الفلسطينية باللغة العربية. فقد تم انجاز هذا المشروع عام 1957 بسرية و تكتم تامين. وفي عام 1960 ، سوف يشارك في أول تجربة نووية عدد جد معتبر من الخبراء الإسرائيليين كي يتم نقل الخبرة إلى معهد وايزمان للعلوم الفيزيائية في بلدة رحفوت الإسرائيلية.
و بشهادة سكان المنطقة من عايشوا المرحلة، فإنهم كانوا يصادفون مدنيين أجانب يتحدثون بلغة غير التي كان يستعملها العسكريون الفرنسيون، و لم يتردد خبراء فرنسا و إسرائيل في استعمال سكان المنطقة بأكملهم فئران تجارب. أما المجاهدون، فيؤكد لنا شاهد عيان أنهم تركوا مكبلين على بعد بـ 200متر من نقطة الصفر.!!وسجلت هذه التجارب تحت عنوان "التجارب النووية الفرنسية شهدتها الصحراء الجزائرية خلال و بعد سنوات الثورة التحريرية"، و ما كتب عنها، استبعد من خلال الوثائق التي محت دور إسرائيل من سجل الجريمة رغم مشاركتها الفعلية في التخطيط والتنفيذ.
آخر الشهود"عب اللة عبد الله" يصرح للشروق : فرنسا فجرت القنبلة على المجاهدين وهم مكبلين في شاحنة على بعد 200 متر من مركز الانفجار.
آخر شهود العيان من الذين تواجدوا قرب القنبلة النووية الأولى على بعد أمتار قبل التفجير "عبد اللة عبد الله "، من مواليد 1938، الذي يروي الفاجعة، متحسرا على أرواح أولائك الذين أعدمتهم فرنسا بأبشع الطرق الإجرامية. يقول أنه لم يكن يعرفهم، لكنهم كانوا جزائريين مثله، ويتساءل اليوم : بأي ذنب فعل بهم المستعمر هذا الفعل؟؟!!.. يومها، كان "عبد اللة"، يعمل في شركة تختص بأمور التبريد و التهوية في موقع التفجير. فكتب لهذا الشاهد، أن يكون شاهدا على جريمة حية من جرائم فرنسا! يضيف الشاهد المحظوظ قائلا أن المستعمر أحضر شاحنة عسكرية كان يصطف على متنها عدد كبير من الجزائريين، فهم الرجل ساعتها، أنهم مجاهدون ممن حكم عليهم بالإعدام!! ليضيف مؤكدا أنهم ليسوا من المنطقة بل من الشمال الجزائري! فقد منعوا أي أحد من التحدث معهم!!.. كانوا واقفين... مكبلي الأرجل و الأيادي، لا يمكنهم الحراك !!.. حتى رؤوسهم كانت مثبتة بواسطة قضبان حديدية تمنعهم من الالتفات إلى اليمين أو إلى اليسار، لكن عيونهم كانت تنوب عنهم في الكلام... يقول "عبد اللة" ... كما كانت هنالك خيام منصوبة في نقاط متباعدة عن نقطة التفجير، ترك فيها مجاهدون ومدنيون بالقوة، بعد أن طلب منهم الانبطاح على وجوههم عند سماع صوت الطائرة، فيما غادروا هم المكان باتجاه رقان المدينة ، أي على بعد نحو 65 كلم عن منطقة التفجير بحموديا. و بعد عودتنا في اليوم الموالي من التفجير بملابس خاصة، يقول محدثنا.. الشاهد الذي "شاف كل حاجة" ..،لم نجد أي أثر لجثث بشرية، و لم نستطع التعرف على الشاحنة التي تحولت إلى كتلة من حديد!! أما الخيام ومن كانوا فيها، فلم نجد لهم أثرا يذكر!! لقد نجم عن التفجير جبل أسود لم يكن هناك قبل الأمس!!
عبد الله، يطالب اليوم فرنسا بأن تعترف رغما عنها بالجرائم التي تتكتم عنها في حق الشعب الجزائرى!!هذه الجريمة التي أتت على الأخضر و اليابس وعلى كل مظاهر الحياة بالمنطقة..إذ لا يزال سكان المنطقة يعانون من أثار التجارب بظهور غرائب الأمراض التي لم يسمع عنها الأهالي قبل قدوم فرنسا .
نتائج مريعة على الصحة والطبيعة:
النتائج الأولية لهذه التجارب، كانت مفزعة : 35 حامل أجهضن !!..عدد كبير من سكان القصور فقدوا البصر!!.. أصحاء أصيبوا بأمراض عقلية!!.. نقل الكثير من الأهالي إلى المستشفى العسكري الفرنسي بالقاعدة لمعاينتهم.. وفقط... دون إعطاء علاج!!! هي ذي الأحداث التي عرفتها مدينة رقان يوم 13 فبراير 1960... ساعات بعد تفجير"اليربوع الأزرق" حسب رواية "رقاني محمد بن هاشم"، من مواليد 1937، كان وقتها يشتغل ممرضا بالقطاع الصحي الفرنسي رفقة الطبيب " بيشو دوغي"! كان أنداك , "الرقاني" الجزائري الوحيد الذي كان ضمن القطاع الصحي الفرنسي بالمنطقة، والذي يؤكد اليوم "أن فرنسا تعمدت استعمال سكان القصور كفئران تجارب خصوصا بعد إحصاء السكان لمدة 4 أشهر قبل التفجير دون استثناء أحد، قبل أن تخرجهم للعراء، غطاؤهم يوم التفجير كان السماء !! تاركين بيوتهم خالية مفتوحة النوافذ و الأبواب وهم وسط الصحراء !! , يقول "الرقاني محمد"، أن فرنسا كلفتهم بإخبار أهالي القصور عن التدابير التي يجب أن يتخذوها، بإغماض أعينهم و الانبطاح فوق الأرض على وجوههم قبل الانفجار إثر رؤيتهم للطائرة التي ستحلق فوقهم. كم تم تسليم كل فرد صحراوي قلادة كشف الإشعاع تحمل رقما تسلسليا مع تهديد كل من يضيعها، بالسجن!!.. ويضيف محدثنا ..أنه، يومها ارتفعت غمامة الفطر النووي في السماء، لكنها سرعان ما جلبتها الرياح نحو المناطق الآهلة بالسكان!! فقد تم نقل عائلات الضباط الفرنسيين إلى مدينة رقان علي جناح السرعة لتجنيبهم أي خطر!! كما لحقهم بعد ذلك كل القادة العسكريين، خوفا علي أرواحهم، فيما ترك الناس وسط غيمة
الإثنين سبتمبر 02, 2024 11:15 pm من طرف yahiaz_01
» جميع مذكرات السنة الاولى 1 ابتدائي في التربية العلمية 2022 / 2023
السبت نوفمبر 05, 2022 4:12 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة التربية الاسلامية 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:18 pm من طرف yahia_01
» جميع مذكرات السن ة الاولى ابتدائي في التربية المدنية الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:16 pm من طرف yahia_01
» جميع مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة الرياضيات الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:15 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة اللغة العربية الجيل الثاني 2022 / 2023 الجزء الثاني
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:13 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة اللغة العربية الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:08 pm من طرف yahia_01
» مذكرات الاجتماعيات للسنة الخامسة ابتدائي كاملة
الخميس سبتمبر 08, 2022 12:42 pm من طرف yahia_01
» مذكرات اللغة العربية للسنة الخامسةو ابتدائي كاملة لكل مقطع
الخميس سبتمبر 08, 2022 12:40 pm من طرف yahia_01