في خميسين متعاقبين، 19 و26 يناير 2006، نظم الجناح الألماني بـ معرض القاهرة الدولي للكتاب، ضيف شرف هذه الدورة رقم 38، ندوتين عن الوصول لعقول الشعبين المصري والألماني عن طريقين: النشر والتعليم. كانت الندوة الأولى بعنوان "هل العلم سلعة؟ دور النشر والمجتمع العلمي Wissen als Ware? Verlage im Spannungsfeld der globalen Wissensgesellschaft"، والثانية "ما نوع التعليم الذي تتطلبه العولمة؟ Welche Bildung braucht die Globalisierung?".
يوحي العنوان العربي للندوة الأولى بأن اهتمامها سينصب على العلم أو العلوم بالمعنى الحديث، أي دراسة الجوانب المادية من العالم بطرق نظرية وتطبيقية قائمة على الملاحظة المنهجية والاختبار التجريبي. لكن المعاجم العربية قديمها وحديثها لا تورد الكلمة بهذا المعنى الشامل، ويكتفي الحديث منها بإيراد سلسلة من الكلمات التي ترتبط بالكلمة لتدل على العلوم الفرعية، مثلا "علم النبات"، "علم الفلك"، علم الهندسة" إلخ. أما المعنى القديم الذي تورده جميعا فهو العلم بمعنى المعرفة، عندما يقال مثلا "رجل ذو علم" أو "العلم نور" أو "العلم بالشيء". وللأسف، ورغم الترجمة الشفوية والفورية المتمكنة في الندوتين، كانت ترجمة كلمة "Wissen" إلى "العلم" غير موفقة بالمرة، وكان الأصح "المعرفة" وهو ما انتبهت إليه الأهرام ويكلي فترجمتها "knowledge" وليس "sciene".
ليس هذا المدخل اللغوي للندوة هامشيا أو خارج الموضوع. فالتأصيل لوجود وتطور العلم عند المصريين والعرب مرتبط بمفهوم الكلمة وتعريفها، والتي انحصر معناها طويلا على علوم الدين واللغة العربية وغيرها من المعارف التقليدية. وقد ظلت قضية التحديث العلمي والبحث العلمي موضوع نقاش وجدل متجدد في الأوساط الجامعية والإعلامية ظهرت معها مؤخرا أصوات تنادي بنشر الثقافة العلمية بين الجماهير والأفراد من غير المتخصصين، لأن هذا أكبر عامل يمكن أن ينشأ عنه شعب يواكب العصر، الذي أصبح مستقرا أنه عصر هذا العلم وعصر التقنية المسخّرة للاتصال والمعلومات والمعرفة، شعب يفكر بشكل علمي ويحل بمشاكله بشكل علمي ويقدر أهل العلم والاختصاص والخبرة.
ومن بين المحاولات الجادة في اتجاه نشر الثقافة العلمية، تظهر الجهود الكويتية بشكل لافت وعميق، ففيها تصدر الترجمة العربية لمجلة ساينتفيك أمريكان Scientific American باسم مجلة العلوم ، ثم أصدرت مجلة العربي الكويتية ملحقا شهريا باسم العربي العلمي. وإلى جانب إتاحة المواد العلمية الجديدة للقراء الذين لا يستطيعون سبيلا إلى اقتناء الدوريات العلمية الأجنبية بسبب حاجز المال أو اللغة أو التوزيع، فإن تراكم هذه المادة بـ العربية قد أسس قاعدة جيدة لتعريب الإنتاج العلمي في شتى فروعه، إلى جانب الحركة الكبيرة للتعريب التي يقوم بها السوريون في أثناء ممارستهم لنشاطهم العلمي.
سنكتفي إذن في حديثنا عن هذه الندوة على الشذرات التي تناولت العلم وليس المعرفة العامة. يقول عدنان سالم ، من دار الفكر بـ دمشق ، إننا نتحول من اقتصاد الصناعة إلى اقتصاد المعرفة مما سيروّجها، وذلك رغم أن المدرسة القديمة ترى أن السلعة متدنية، والحديثة ترى أن الشركات الكبرى تحجب المال عما لا يفيدها بغض النظر عن فائدة الإنسانية. لكن سالم يؤمن بما قاله ستيفن كوفي Stephen Covey، حسب سالم، وهو أن نشهد عصر المعرفة وسنشهد بعده عصر الحكمة.
اختلف الأستاذ قاسم عبده قاسم مع هذا الطرح، رائياً أن العولمة تسمح باحتكار العلم وترجح كفة من لديه تمويل. ويبدو أن قاسم يشير هنا للإنتاج العلمي المعملي وليس النشر العلمي. حيث أنه مما صار متعارفا عليه حتى في جامعات عريقة بـ أوروبا أو أمريكا ، أن تمول البحوثَ والمعاملَ شركاتٌ على نحو يسمح لها بالتدخل وفرض أولوياتها ومصالحها الخاصة بالربح إلخ.
لكن جاءت كلمة كريستوف لنكس Christoph Links صاحب أول دار نشر تفتح بعد انهيار سور برلين ، لتؤكد أن تمويل الشركات صار له أثر في النشر العلمي أيضا، فلولا منحة من ڤولكس ڤاجن VolksWagen، لما استطاع نشر الكتب العلمية. أيد ذلك تعليق الدكتور بيتر زيليم Peter Sillem، والذي تتبع داره ’معادلة توازن‘ فتصرف على نشر العلم من أرباح الأدب، وبينما يتراوح متوسط توزيع الكتاب العلمي من 1000 إلى 2000، فإن مبيعات الرواية قد تقفز إلى 200.000 و300.000!
الندوة الثانية كانت هي الأسخن، رغم عدم إتاحة الفرصة لمداخلات الجمهور تماما كما حدث في الندوة الأولى. وللمفارقة فإن السخونة مرجعها هو تناول الجانب الألماني لفشل بلادهم هم في تطوير أو الحفاظ على مستواها التعليمي! أما الجانب المصري فقد انحصرت كلماته في الأغلب الأعم على سرد ما تقوم به الحكومة ووصف المؤسسات التي يقومون عليها والدفاع عن إخفاقها وإلقاء المسئولية على المجتمع.
يوحي العنوان العربي للندوة الأولى بأن اهتمامها سينصب على العلم أو العلوم بالمعنى الحديث، أي دراسة الجوانب المادية من العالم بطرق نظرية وتطبيقية قائمة على الملاحظة المنهجية والاختبار التجريبي. لكن المعاجم العربية قديمها وحديثها لا تورد الكلمة بهذا المعنى الشامل، ويكتفي الحديث منها بإيراد سلسلة من الكلمات التي ترتبط بالكلمة لتدل على العلوم الفرعية، مثلا "علم النبات"، "علم الفلك"، علم الهندسة" إلخ. أما المعنى القديم الذي تورده جميعا فهو العلم بمعنى المعرفة، عندما يقال مثلا "رجل ذو علم" أو "العلم نور" أو "العلم بالشيء". وللأسف، ورغم الترجمة الشفوية والفورية المتمكنة في الندوتين، كانت ترجمة كلمة "Wissen" إلى "العلم" غير موفقة بالمرة، وكان الأصح "المعرفة" وهو ما انتبهت إليه الأهرام ويكلي فترجمتها "knowledge" وليس "sciene".
ليس هذا المدخل اللغوي للندوة هامشيا أو خارج الموضوع. فالتأصيل لوجود وتطور العلم عند المصريين والعرب مرتبط بمفهوم الكلمة وتعريفها، والتي انحصر معناها طويلا على علوم الدين واللغة العربية وغيرها من المعارف التقليدية. وقد ظلت قضية التحديث العلمي والبحث العلمي موضوع نقاش وجدل متجدد في الأوساط الجامعية والإعلامية ظهرت معها مؤخرا أصوات تنادي بنشر الثقافة العلمية بين الجماهير والأفراد من غير المتخصصين، لأن هذا أكبر عامل يمكن أن ينشأ عنه شعب يواكب العصر، الذي أصبح مستقرا أنه عصر هذا العلم وعصر التقنية المسخّرة للاتصال والمعلومات والمعرفة، شعب يفكر بشكل علمي ويحل بمشاكله بشكل علمي ويقدر أهل العلم والاختصاص والخبرة.
ومن بين المحاولات الجادة في اتجاه نشر الثقافة العلمية، تظهر الجهود الكويتية بشكل لافت وعميق، ففيها تصدر الترجمة العربية لمجلة ساينتفيك أمريكان Scientific American باسم مجلة العلوم ، ثم أصدرت مجلة العربي الكويتية ملحقا شهريا باسم العربي العلمي. وإلى جانب إتاحة المواد العلمية الجديدة للقراء الذين لا يستطيعون سبيلا إلى اقتناء الدوريات العلمية الأجنبية بسبب حاجز المال أو اللغة أو التوزيع، فإن تراكم هذه المادة بـ العربية قد أسس قاعدة جيدة لتعريب الإنتاج العلمي في شتى فروعه، إلى جانب الحركة الكبيرة للتعريب التي يقوم بها السوريون في أثناء ممارستهم لنشاطهم العلمي.
سنكتفي إذن في حديثنا عن هذه الندوة على الشذرات التي تناولت العلم وليس المعرفة العامة. يقول عدنان سالم ، من دار الفكر بـ دمشق ، إننا نتحول من اقتصاد الصناعة إلى اقتصاد المعرفة مما سيروّجها، وذلك رغم أن المدرسة القديمة ترى أن السلعة متدنية، والحديثة ترى أن الشركات الكبرى تحجب المال عما لا يفيدها بغض النظر عن فائدة الإنسانية. لكن سالم يؤمن بما قاله ستيفن كوفي Stephen Covey، حسب سالم، وهو أن نشهد عصر المعرفة وسنشهد بعده عصر الحكمة.
اختلف الأستاذ قاسم عبده قاسم مع هذا الطرح، رائياً أن العولمة تسمح باحتكار العلم وترجح كفة من لديه تمويل. ويبدو أن قاسم يشير هنا للإنتاج العلمي المعملي وليس النشر العلمي. حيث أنه مما صار متعارفا عليه حتى في جامعات عريقة بـ أوروبا أو أمريكا ، أن تمول البحوثَ والمعاملَ شركاتٌ على نحو يسمح لها بالتدخل وفرض أولوياتها ومصالحها الخاصة بالربح إلخ.
لكن جاءت كلمة كريستوف لنكس Christoph Links صاحب أول دار نشر تفتح بعد انهيار سور برلين ، لتؤكد أن تمويل الشركات صار له أثر في النشر العلمي أيضا، فلولا منحة من ڤولكس ڤاجن VolksWagen، لما استطاع نشر الكتب العلمية. أيد ذلك تعليق الدكتور بيتر زيليم Peter Sillem، والذي تتبع داره ’معادلة توازن‘ فتصرف على نشر العلم من أرباح الأدب، وبينما يتراوح متوسط توزيع الكتاب العلمي من 1000 إلى 2000، فإن مبيعات الرواية قد تقفز إلى 200.000 و300.000!
الندوة الثانية كانت هي الأسخن، رغم عدم إتاحة الفرصة لمداخلات الجمهور تماما كما حدث في الندوة الأولى. وللمفارقة فإن السخونة مرجعها هو تناول الجانب الألماني لفشل بلادهم هم في تطوير أو الحفاظ على مستواها التعليمي! أما الجانب المصري فقد انحصرت كلماته في الأغلب الأعم على سرد ما تقوم به الحكومة ووصف المؤسسات التي يقومون عليها والدفاع عن إخفاقها وإلقاء المسئولية على المجتمع.
الإثنين سبتمبر 02, 2024 11:15 pm من طرف yahiaz_01
» جميع مذكرات السنة الاولى 1 ابتدائي في التربية العلمية 2022 / 2023
السبت نوفمبر 05, 2022 4:12 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة التربية الاسلامية 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:18 pm من طرف yahia_01
» جميع مذكرات السن ة الاولى ابتدائي في التربية المدنية الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:16 pm من طرف yahia_01
» جميع مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة الرياضيات الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:15 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة اللغة العربية الجيل الثاني 2022 / 2023 الجزء الثاني
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:13 pm من طرف yahia_01
» مذكرات السنة الاولى ابتدائي مادة اللغة العربية الجيل الثاني 2022 / 2023
الجمعة نوفمبر 04, 2022 11:08 pm من طرف yahia_01
» مذكرات الاجتماعيات للسنة الخامسة ابتدائي كاملة
الخميس سبتمبر 08, 2022 12:42 pm من طرف yahia_01
» مذكرات اللغة العربية للسنة الخامسةو ابتدائي كاملة لكل مقطع
الخميس سبتمبر 08, 2022 12:40 pm من طرف yahia_01